"عقليةُ ما قبلَ المنطقِ" ركيزةً من ركائزِ الفكرِ الاستشراق ي قراءةٌ في خطابِ ليون جوتييه عن الفلسفةِ الإسلاميةِ
الكلمات المفتاحية:
عقلية ما قبل المنطق، الاستشراق، الأنثروبولوجيا، ليون جوتييهالملخص
تعد "عقليّة ما قبل المنطق" فرضية أنثروبولوجية خطيرة ملقمة بهواجس الاستحواذ والتوسّع في الفكر والوجدان الغربيينِ، فقد اصطنعها رواد النظرية الوضعي ة بصيغتها النهائية ،بدءًا من أوجست كومت وصولًا إلى ليفي بريل وهو أحد أشهر تلامذة دوركايم، لقيت هذه المقولة حين طبقت على العقلية البدائية على يد ليفي بريل ضروبًا من النقد والشجب من الفلاسفة والاجتماعيين والانثروبولوجيين، ولعلّ من يراجع الخطابات التي جابهت هذه المقولة سيقرّ باستحالة الاستعانة بها في دوائر البحث والدراسة بعد أنْ كَشفت عن فسادها إنسانيًّا وعلميًّا ،نظرً ا لِما فيها من حسّ عنصريّ دونيّ من جهة، و افتقارها إلى الموضوعية من جهة أخرى ،ولكن على الرغم من ذلك جهد المستشرقون إلى تبنّيها و إسقاطها على العقلية الشرقية، فنتاجات تلك المقولة تتَخلّ ل الخطاب الاستشرافي بطرق وأساليب تتراوح بين التلطيف والفجاجة، و تعدّ دراسة جوتييه عن "الفلسفة الإسلامية" أنموذجًا للخطاب الاستشرافي الذي يستعين بهذه المقولة ويسحبها على العقلية العربيّة بصورة سافرة .
إنّ هدف الدراسة ،من كلّ ذلك، التأكيد على حاجة الثقافة العربية اليوم إلى قراءة آثار الاستشراق والأنثروبولوجيا قراءة متأنية ناقدة، وذلك لأنّ ثمّة تعاضدًا بين الخطابين الأنثروبولوجي الاستشرافي، وقد أدّى هذا التعاضد دورًا كبيرًا في تمثيل الآخر تنميطه ،فكلا الخطابين تحرّكه يدٌ واحدة صوبَ هدفٍ واحد، وهي ي د المستعمر بهدف تنميط الآخر وإيقاعه في الظلّ على كلّ الأصعدة: عقليًّا وشعوريًّا وثقافيًّا وحضاريًّا و مدنيًّا، وإلى هذا فكلا الخطابين يتعاوران و يتضايفان و يكمّ ل أحدهما الآخر و يقوم مقامه بالنيابة، وهذا ما يسوّغ قراءتهما قراءة كفيلة بتفكيك صلاتهما و بكشف نقاط القوة والضعف فيهما